الاشراف التربوي في مجال التربية الاسلامية
لقد شهدت التربية الإسلامية في العقود الثلاثة السابقة، عناية واضحة من المربين المسلمين، فظهرت الكتابات المتعددة التي تناولت جوانب كثيرة من هذه التربية، شملت الأهداف والسياسات والمنهاج والمعلم والمتعلم وأصول التدريس وأساليبه، والتقويم وأدواته، وقُدمت رسائل جامعية في كثير من مجالاتها، ولكن موضوع الإشراف التربوي في مجال التربية الإسلامية لم ينل حظاً من هذا الاهتمام، وبقيت المفاهيم العامة لهذا الموضوع هي المتداولة بين معلمي ومشرفي مبحث التربية الإسلامية في المدارس العربية والإسلامية، وقد آن الأوان لطرح هذا الموضوع محاولة لربط المفاهيم العامة للإشراف التربوي بهذا المبحث، مع الإشارة إلى جذور العملية الإشرافية في الفكر التربوي الإسلامي، إلى جانب الاستفادة من الأبحاث والدراسات الحديثة في مجال عملية الإشراف الإداري والتربوي.
وقد جاء تنظيم الكتاب بصورة تساعد القارئ على إجراء التطبيقات العملية على المفاهيم والأفكار النظرية، فجاءت التدريبات المتنوعة منبثة في جميع موضوعاته، يجربها المشرف التربوي معتمداً على نفسه ليتأكد من فهمه للمادة المطروحة، ومن وعيه على جوانبها العملية وتطبيقاتها الواقعية المرتبطة بالممارسات الإشرافية والتعليمية. وأُثبت في نهاية كل فصل من فصول الكتاب التقويم الختامي ليجريه القارئ بصورة ذاتية، ليتأكد من مدى وعيه بالموضوعات المطروحة من خلال اطلاعه على مفتاح الإجابات الصحيحة المثبت بعد التقويم الذاتي، وهذا يساعده في العمل على تلافي جوانب الضعف المكتشفة، ليعود مرة ثانية إلى المادة التعليمية في الكتاب لتلافي هذه الجوانب.
وقد كان من المناسب أن يبدأ الكتاب بفصل يتناول المفاهيم الأساسية للتربية الإسلامية المنبثقة من طبيعة الدين الإسلامي ومن مصادره المتفق عليها من كتاب وسنة وإجماع وقياس وما تبعها من اجتهادات المجتهدين والمفكرين والتربويين المسلمين، الذين اعتمدوا هذه المصادر أساساً لآرائهم، إلى جانب ذلك فقد حددت أهداف تدريس مبحث التربية الإسلامية انطلاقاً من الغاية الأساسية للدين الإسلامي القائمة على إعداد الإنسان الصالح المؤمن بالله تعالى، والمتبع لهداه الذي يجعل مقياس التفاضل بين الناس تقوى الله تعالى والعمل الصالح، ويجعل الحلال والحرام مقياساً للأعمال في الحياة، وتعمل على إعداد الأمة الصالحة التي ترعى الفضيلة وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر لتهيئة المناخ الصالح للحياة الكريمة للفرد والجماعة، وعلى إعداد الدولة الصالحة التي تحرس الملة، وترعى الرعية بشرع الله تعالى ومنهجه القائم على العدل والمساواة بين الناس، والشورى من أولي الأمر للرعية للوقوف على آراء أهل الخبرة في جميع شؤون الحياة للانتفاع بها في رعاية الأمة وإسعادها وترقيتها.
وقد حددت الأهداف العامة للتربية الإسلامية، والأهداف الخاصة بالمنهاج الدراسي على مستوى مراحل التعليم، ولضمان اتساق وتكامل فروع التربية الإسلامية وتلافي العيب القائم بسبب تقسيمها إلى فروع منفصلة، فقد تم طرح أسلوب جديد في تنظيم المادة قائم على تنظيم العلاقات التي يتحرك الفرد من خلالها لتنظيم شؤون حياته، وحددت العلاقات في مجالات خمسة هي: علاقة الطالب بالله تعالى، وعلاقته بالنبي صلى الله عليه وسلم، وعلاقته بأسرته وأقاربه وجيرانه، وعلاقته بالمجتمع، وعلاقته ببيئته الطبيعية حوله. ثم وُضّح موقع مبحث التربية الإسلامية في البرنامج المدرسي، وكيف يمكن تحقيق الاتساق والتكامل بينه وبين المباحث الدراسية الأخرى، وخصائص مبحث التربية الإسلامية، وأهمية تدريسه للناشئة، ومصادر التعلم فيه.
وقد جاءت باقي فصول الكتاب تتناول القضايا الإشرافية.